الأربعاء، 31 أغسطس 2011

ظاهـــرة القذافــــــــي


الامة العربية بين أيديها من الخير ورحب العيش الوفير وذلك ما تقر به عين الفرض لا عين الواقع الذي نعيشه ولكن كل هذا الخير يمرر عند تقسيمه على قواعد اجتماعية تظلم المواطن واشدها القبلية والعصبية .

القبلية والعصبية والواسطة والمحسوبية والعديد من التصنيفات الاجتماعية القاسية التي تنتشر بالامة العربية وبين تعاملات الناس وتلك الامور والقواعد يؤخذ بها أكثر من قواعد العدالة الاجتماعية الإسلامية في جميع الامور العامة مثل اقتسام الثروات وتوزيع الموارد والامور الخاصة كالزواج، والعمل، والتعليم، والوظائف بل حتى في التعامل اليومي بين أفراد المجتمع.

ويتقاتل الافراد فيما بينهم من اجل ان يحصل كل على حقه من منظوره النفسي وليس من منظور العدالة الاجتماعية الاسلامية ولهذا نقلت معركة العرب من ميدان العلم ومواجهة التقدم العالمي الذي يضاف اليه كل يوم الجديد الى ميدان آخر هو ميدان الحياة الاجتماعية وتم تقسيم الارزاق بين الناس بقاعدة هذا وذاك وليس على كفاءته وقس على ذلك أي شيء من ادنى الهرم الى رأسه في السلطات والثورات والوظائف وبذلك تم احالة العدالة بين الناس لقواعد اجتماعية فأصبحت لنا شريعة أخرى عملا غير شريعة الله .

ولذلك أقول أن الشريعة السماوية التي تخاطب الضمائر أو القانون الذي يخطب التنفيذ والضمير أحيانا عارية في المجتمع على سبيل التواجد الظاهري وليس للاستعمال والتنفيذ وما ذلك إلا لعيب في نفوسنا نتيجة لتشبسنا الشديد بقواعد اجتماعية يتمثل البعض منها في القبلية أو المحسوبية والواسطة ... الخ كل تلك القواعد تراها في عين المسئول تجاه السائل أو بين المواطنين والافراد وبهذا باتت العدالة الاجتماعية وهما لا ندركه سوى في اقوال باهتة لا افعالا .

ان القواعد الاجتماعية الظالمة التي اشرت اليها وحقيقية التمييز والفوارق والتي اقول بأنها تحكم مجتمعاتنا العربية لا احصر ظهورها في سلوك الحاكم أو المسئول فقط وانما هي نظرة تمرر بين جميع الأفراد في المجتمع إلا من رحم ربي .

والحقيقة أن ما تشهده المنطقة العربية وما يقوم به القذافي وبشار الأسد وعلي عبدالله صالح يؤكد ثبات تلك القواعد في نفوس العرب فما يقوم به هولاء الحكام من قتل وترويع في الشعب والميل دوما إلى الاستئثار بالسلطة وحصرها في يده أو في يد اعوانه وحكر المنفعة الاقتصادية في الوطن لفئة معينة من أقرباءه والمقربين إليه بما يخدم صالحه على أي حال بنظرة بعيدة إلى المستقبل لخدمته في حال النفع أو في حال الضرر عندما تنقلب عليه ظروفه وعندما تنفك السيطرة من حوله على ذمام الأمور فتزود روح القبيلة أو روح من توسط إليهم ومن احتسب بقضاء مصلحة اليهم كل ما سبق لا يمثل الا تربية على تلك القواعد الاجتماعية والنفسية والقياس على ذلك بالنسبة لسلوك أغلب الأفراد من العرب .

تلك القواعد الظالمة التي تقتل المجتمع العربي كل يوم وهي السبب الاوحد والاساسي لتأخره انما تلاقي رواجها من امتزاجها وقبولها في نفوس افراد الشعب وليست من الحاكم فقط .. تلك القواعد نشانا وتربينا عليها واستقرت منابعها الأواى في اعماقنا النفسية وبها نتعامل مع هذا او ذاك؛ أي طبقا للنظرات الاجتماعية الشاذة للمجتمع وخلافا لما يقره قواعد العدل الاجتماعي والشريعه السماوية .

ولا شك أن المواطن العربي فقيرا فقرا مدقعا ومهما اتاه الله من ثراء فهو فقير لانه انشغل عند تلك المفاهيم والقواعد والظواهر التي سادت مجتمعاتنا بحياة عادية سطحية لا جدوى منها حياة تماثل حياة دب يعيش في الغابة يأكل ويشرب حتى يأتيه الاجل دون ابداع لوطنه أو اضافة للانسانية مما جعله فقير بانواع كثيرة من الفقر والوانه لا تعد ولا تحصى فقر الحريه وفقر العلم وحتى فقر الكرامه .. الخ ، تلك الشعوب التي أعزها الله بدينها ورفع من شأنها بقوميتها وبنسجها المتقارب وثبت في نفوس العالم قولا وفعلا بحضارتها هيبتها ووقارها لتفوقها في الإيمان و السيف والعلم والانسانيه ، اصبحت الان لا حول لها ولا قوه ، قد أدمنت الاهازيج والهبث والتصفيق للبعض وللابيض دون الاسود .

والمشكلة ليست في فرد أو رأس بعينها وانما المشكلة عندما يكون الطابع العام فاسد وهو ما يعني فساد الضمير العام اما عندما يكون الخطأ في مسئول فقد يترصده الضمير العام ، ومن اجل ذلك انتشرت ظاهرة القذافي في الكثير من اراضينا العربية سواء رؤساء او مسئولين أو حتى مواطنين لا يملكون سلطة ولا جاها وحتى لو ملكوا فقط جبهة صغيرة من جمع متشرد لا يألون جهدا في محاربة غيرهم والافتآت عليهم، فالقذافي ليس رجل واحدا فقط وانما هو جموعا غير قليلة موجودة وتظهر عندما تجد مناخا يؤدي الى نشر مفاهيمها الاجتماعية الخاطئة التي نشأت وتربت عليها .

وان ما سبق ظواهر اجتماعية سلبية يرصدها المدققون على ارضنا العربية منذ القِدم ، وأُرهقت عقول ، وأُريقت الدماء ، في محاولات كثيرة لاقصاءها والتقليل من حضورها السلبي الذي ضاق به الإنسان العربي وهي مرفوضة في سياق الشريعة والقانون والثقافة الإنسانية الحديثة .

ظواهر ادت الى سلوكيات اتت بالتخلف والدكتاتورية والظلم والاقتتال بين الناس ويجب معالجتها بصرف النظر عن مصدرها ، كما انه لن يربح الشرفاء والاحرار من العرب في حروبهم الطاهرة ضد القذافي وأمثاله سوى بنشر العدالة الاجتماعية وتنفيذ ما اقرته الشرائع من قواعد الحرية والمساواة بين الناس وقدوتنا في ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما قال : ( وايم الله ، لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطع محمد يدها ).

محمد جلال عبدالرحمن .
تجدونه بصحيفة المرصد :

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق