الأربعاء، 31 أغسطس 2011

مـــــن اجـــل هــــذا تأتـــــــــي الثورات


عندما يقتل الحاكم المحكوم باسم الوطن ويعذب أبناءه والخاصة من مفكريه باسم الوطن ويسلب وينهب أموال الناس ويقترف كل جرم وجريرة ومنكر وفساد باسم الوطن .. 
فإننا نرى في هذا الوطن زوال الحدود الفاصلة بين الأخلاق الفاضلة والرديئة فيصبح الشر خيرا والقتل حياةً والظلم إحسانا وهذا ما يؤكده الواقع العربي في بلدان كثيرة بما يرتكبه الأمن الذي تخلى عن دوره وبدلا من أن يسهر لتأمين الشعوب يقوم بتعذيب الشعب بأبشع الصور باسم التعزير الوطني ويخنق للحريات ويخمد الأصوات في الحناجر باسم مصالح الوطن ويتجسس على أبناء الوطن باسم حماية الوطن وما يرتكبه الاقتصاديين وبطانة الفساد حول بعض الفاسدين من الحكام من سرقة ونهب لأموال الناس باسم حماية المستضعفين والتعاون مع أعداء الوطن باسم أصدقاء الوطن ، وبما سبق نرى أبشع صور الحكم في تاريخ الإنسان نموذجا لمدينة فاضلة طالما دعوا إليها دعوة أفلاطون والفارابي للمدينة الفاضلة ولكنهم يدعون لمدينة من نوع آخر مدينة يأمنون فيها على كراسيهم ورثاً لذويهم ولأولادهم . والحقيقة الدامغة في كتب التاريخ بختم الثوار والرجال الأحرار تؤكد أنه يجب على بعض هولاء الحكام الفاسدين في عالمنا العربي وعصابتهم وبطانتهم الفاسدة من (السياسيين والاقتصاديين والاجتماعيين وحتى من رجال الدين ) وكل اللذين يقفون معه موقف قارعة الصاج من الراقصات أن يدركوا تمام الإدراك أن ذلك لن يدوم ولن ينتهي لتوفيق . وكتب التاريخ مليئةُ بما يؤكد أن إرادة الشعوب دوماً هي العليا ولا يعلو سوى إرادتها مهما طال ليل الحاكم الظالم وبطانته .. فالثورات الشعبية إذا انطلقت فلن تستطيع قوة الاستبداد أن تقف في وجهها، أنها كالسيل الجارف تدمر كل شيء يعترض طريقها . فعلى سبيل المثال لا الحصر : عندما أراد شعب إيران رحيل الشاه الذي أتى بعد صراع عبر تاريخ طويل يمتد عمره إلى 25 عاما منذ سقوط الحكم الوطني الذي كان يرأسه الدكتور مصدق والذي أطاحت به المخابرات الأمريكية ليعود الشاه إلى إيران بعد أن هرب إلى أوربا ليستبد بالسلطة كملك طائش جبار يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد .. إلا أنه نهايةً نجحت إرادة الشعب الإيراني ووقعت نتيجتها المحتومة من ثورة ومحنة ودم وعرق ودموع نظراً لتكاتف أسباب كثيرة منها داخلية ومنها خارجية وعندما تكاتفت هذه الأسباب كلها وقعت الثورة .. وقعت الثورة في إيران عندما كان الوضع العام في أواخر أيام الشاه نموذجا ظلم وتناقضات كبيرة .. فالحريات السياسة كانت مفقودة والإرهاب بلغ أشده ، وقتل السجناء في سجونها ورمى المناوئين السياسيين أحياء في بحيرة ساوه ، والثورات المحلية كانت تخمد بالنار والحديد ، التدخل الأمريكي في إيران بلغ إلى مرحلة الوصاية والقيمومة فكان هناك خمسين ألف مستشار أمريكي يتقاضون 4 آلاف مليون دولار سنويا من ميزانية الدولة إضافة إلى قانون الحصانة الأمريكية ، رجالات الدولة العليا كانوا مجموعة من الأوغاد لا يهمهم سوى إرضاء الشاه والانصياع لأوامره مهما كانت نوعها وشكلها . ولا تقاوم الثورات بقوة عسكرية أو أمنية مهما كانت قوتها والحكيم ينظر لثورة إيران عندما وصلت إلى مرحلة الغليان لم يستطع الشاه وجيشه ومخابراته وملايين الدولارات من الأسلحة الحديثة أن تعترض طريقها فدمرت الرطب واليابس وأطاحت بعرشه وجيش كان قوامه أربعمائة ألف جندي مدجج بأحدث أنواع الأسلحة ومخابرات كانت من أقوى المخابرات في الشرق الأوسط . الثورات رد فعل وغضبة من الأعماق ومقابلاً عن ظاهر يوحي بوضع اقتصادي زاهر إلا أن الكثيرين من أفراد الشعب تعيش في حالة اقتصادية بائسة .. فعندما تجد في وطن من يسكن القصور ومن يسكن الإسفلت وكل منهم يسكنها بلا سبب فلا الفقير يعرف ما سبب فقره على الرغم من محاربته لظروف فقره بالتعلم والجهد والمثابرة والعناء إلا أن واقعه مريراً لا يحصل على اقل القوت الآ بشق الأنفس والجهد المرير ولا الغني يعرف سبب غناه سوى الحظ الذي أتى به في طبقة معينه أو أتي بغناه عن طريق طبقة معينة . وعندما تجد في الشعب من لا يقرأون ولا يكتبون ، وعندما تجد الشعب كان ولا يزال ينقصه الخدمات الطبية ، وعندما تجد قرى ومدن صغيرة كانت ولا تزال بحاجة إلى طرق المواصلات وإسالة الماء والكهرباء والبيوت الحديثة ، وعندما تجد البطالة وعدد العاطلين كل يوم في ازدياد يتسكعون في الشوارع والأزقة . وعندما تجد الحاكم ومن يرعى الوطن من المسئولين ( اقتصاديا واجتماعيا وسياسياً) رغم كل ما سبق بعيدين كل البعد عن مأساة شعبهم وبلادهم وفي الوقت نفسه يتخبطون في الحديث ويهذون في ذكر حقائق الأمور ويقولون على خلاف الواقع أن بلادهم جزيرة الأمان والاستقرار وأنها دولة نموذجية تقتدي بها دول العالم .. فعندها ينبع نهر الثروة من بين أقدام الأحرار وتتحرك شرارة الحرية لتعيد الأوضاع والأمور لمجرياتها الطبيعية وهكذا تعيش الملوك المسكينة في أوهامها حتى تدق الساعة التي لا فرار منها ولا ينفع الندم . ونهاية بلا مغالطه من يلمس الواقع بصورة محايدة يجد حقيقة صارخة تقول بأن الثورات لاقت أرضها الخصبة وشروطها في أنحاء كثيرة من عالمنا العربي ولا تحتاج أن يحرق المواطن نفسه ليبرهن على ذلته في وطنه ومدى فساد الحاكم وبطانته .. فلا تحرقوا أنفسكم لان الثورات تسير في طريقها للوصول إلى إرادات الشعوب بكل نبل وطهر تسير كالماء في بحيرة طاهرة ولا أظنها مطلقا تبدأ وتنطلق شرارتها بقتل النفس والخروج عن الشرع . 
بقلم الكاتب والمفكر محمد جلال عبدالرحمن
تجدونه بصحيفة الاهرام الالكترونية من خلال هذا اللينك 
http://gate.ahram.org.eg/User/Topics/772/%D9%85%D9%86-%D8%A3%D8%AC%D9%84-%D9%87%D8%B0%D8%A7-%D8%AA%D8%A3%D8%AA%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%AB%D9%88%D8%B1%D8%A7%D8%AA.aspx

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق