الأربعاء، 31 أغسطس 2011


لا شك أن ثورة 25 من يناير التي لهج بنظافاتها ونبلها عظات السياسيين بكل توجهاتهم والإسلاميين في كافة أحوالهم المتشدد منهم والميسر وتناولتها أقلام الكتاب وستتناولها على مر التاريخ العالمي المعاصر .. تعد ثورة عظيمة مهما ترتب عليها من نتائج سواء أكانت سلبية أم ايجابية وسواء ساعدنا القدر في أن نجني ثمارها أم لا ويكفينا من ثمارها أننا قطعنا رأس الأفعى وأنهينا حقبة سامة سممت الوطن في كافة المجالات . 
الثورة التي انطلقت من قاعة علمية عظيمة قاعة كلية الحرية .. تلك القاعة التي تواجدت فيها كافة طبقات الشعب الفقير منها والغني ولكنها حوت شبابا نبيلا ونخبة علمية لم يكن لها مطلب خاص ولا طموحات سوى رحيل ذلك نظام مبارك الفاسد الذي جثم على مقدرات الشعب وكاد أن يقضي عليه .أن الثورة المصرية في قاعتها العلمية التي تمثلت في ميدان التحرير شرحت شرحا مستفيضا ًللعالم كله مدى تأثير النبل والصدق الوطني من الثوار بقاعدة السلمية ومدى أهميتها في الحصول على الحرية .وفي أيامنا الراهنة وما تمر به البلاد من حالات التخوين والانقسامات الشديدة التي ظهرت في الساحة السياسية العامة إنما يعود سببها إلى أن الكثير منا ذهب إلى شوق ومطلب خاص في نفسه فترك ميدان التحرير وقاعة الحرية واتجه إلى موضع آخر تغيرت به نفسياته المخلصة واتجاهاته.نعم فمن الثوار من ترك الميدان وذهب في جلسات متداولة مع الأوروبيون كلا بحسب نيته وآماله ، وإنني انتقد ذلك بشدة لان معيار الثورية الوطنية الفعالة التي تبني ولا تهدم هي الثورية التي تستمد غضبتها من مقدساتها الدينية ومن موروثاتها القبلية والحضارية وليس من تعليم الأوربيون أو الغرب ، وإنني أقول ذلك ليس لشيء سوى لان الغرب إذ يعيرنا وعاءا لنأكل فيه إنما أعطانا إياه بسمومه التي نفسها فيه وما أشد سم الغرب على هولاء الثوار نظرا لحداثتهم بعالم السياسية الغربية التي أغرقت آفاتها حكامنا العرب بمخططاتهم بعيدة المدى والتي يفنى واضعوها ويصبحوا عظاما ويبقى مضمون أطماعهم في أذهان الحاضرين والغائبين من أبناءهم ويسعون لتنفيذها بحيل ومكر الذئاب .ومن الثوار من ذهب ليؤيد حزبا ظل ورقيا لسنوات طوال ووجد ضالته في القفز على الثورة وأصحابها ليجني المكاسب ، ومنهم من ذهب ليؤيد تياراً إسلامياً ينتمي إليه.. نعم ذلك التيار الذي خرج من صمت طويل ولديه القناعة التامة أن جسده اقتطع من كرسي الحكم فترة طويلة من الزمن وحرم منه والآن يجب الترتيب لإرجاع ذلك الحق والحصول عليه بعد الحرمان الطويل ، وكلا ذهب إلى غايته وجحد فضل ميدان التحرير ذلك الميدان الذي لم شمل جموع المصريين بكل طبقاتهم وتوجهاتهم السياسية المختلفة .تفرقت الميادين بالثوار فتفرقت أهدافهم وتحولت العديد من النوايا ، وظنوا أن جني ثمار الثورة آن أوانه واتجه الكثير للسعي وراء السلطة والأهداف الخاصة ، وليس من حل في وجهة نظري سوى أن نتمسك جميعا بالقاعة الوطنية وهي قاعة ميدان التحرير والتي من خلالها تحررنا وتخرجنا إلى العالم بأوضاع وطنية مختلفة وكريمة رتبت لنا على أي حال مصرا جديدة ننشد فيها كرامة لنا ولأجيالنا القادمة، ولابد أن يزاحم بعضنا البعض حتى يقف كلا منا داخل الميدان في توحد للجسد الوطني لينادي النخب من شباب ومثقفوا مصر الواعي الجميع إلى محاضرة جديدة في قاعة التحرير مفادها البناء لا إلى الهدم والتخوين ليلبوا نداء الوطن بكل صدق وإخلاص ، ففي هذا المكان تجمع الكل مخلصين للوطن ومن هنا سننتهي بحالة الفاعلية والبناء التي تبعد بنا عن حالة التخوين والاقتتال ..والحقيقة الراسخة في نفسي انه ليس من فضل لأحد بعينه على هذه الثورة ، فمن خرج بحالة الثورية المخلصة النقية مستجمعا عناصر الثورة للقضاء على النظام السابق الفاسد إنما هو من شباب هذا الشعب كافة بجميع أطيافه وطبقاته من شباب مصر المثقف والواعي .والحقيقة أن ما حزنت له شديدا هو ما صدر من احد أعضاء المجلس العسكري بإرجاعنا لنفس النظرة التي كان ينظر بها النظام السابق لأبناء الشعب وذلك بتصريح خرج من احد أعضاء المجلس العسكري الموقر الذي وصف فيه اللواء كاطو الشعب المصري في (كاجي وان) ، وأن المجلس الأعلى يعلمهم الديمقراطية ، والقول بذلك فيه إهانة وإقلالا من قدرة الشعب المصري وإنقاصا لدور المواطن المصري في صناعة تاريخه على مر العصور ، فالشعب لا ينكر فضل الجيش في حماية الثوار إعمالا لقوله تعالى " ولا تنسوا الفضل بينكم" لكن ليس من اللائق أن يخرج علينا احد أعضاء المجلس الأعلى الذي هو من الشعب بمثل هذا القول ، إضافة إلى أن سيادة اللواء الرويني قال بأن المجلس الأعلى أيضا يستمد سيادته من كونه جهة سيادية والقول بذلك ينافي التماس أول الطرق المؤدية إلى الحق والصواب وهو وجوب الاعتراف بسيادة الشعب، وبأنه مصدر كل شرعية وذلك بحسب ما جاء في نص الإعلان الدستوري الذي أصدره المجلس الأعلى للقوات المسلحة نفسه في المادة 3: السيادة للشعب وحده، وهو مصدر السلطات، ويمارس الشعب هذه السيادة ويحميها).إن مثل تلك التصريحات تدعوا إلى الفجوة والهوة بين الشعب من جهة والجيش من جهة أخرى وتؤدي إلى التأكيد على الانقسام الذي حدث بين أبناء الشعب المصري نتيجة لتزايد الاحتجاجات والمظاهرات التي تبدى تحفظها على تقصير المجلس أحيانا في بعض الأشياء وتدعو في أحيان أخرى إلى سرعة المحاكمات ومحاسبة الفاسدين من النظام السابق وأذنابه بما استتبع ذلك من مؤيد ومعارض للتظاهرات والتي كان أساسها نقد المجلس العسكري. والحقيقة أن ما أراه من وطنية المجلس العسكري لا يكفي معها فقط أن يتحرك المجلس بمفرده في كل شيء بأسلوب مبهم وغامض بدعوى المحافظة على الثورة وحتى تنول غاياتها، النبيلة والمشروعة كاملة ، وإنما يجب على المجلس أن يعود بالثوار إلى حالة العمل الجماعي , خاصة أن هناك من الأعمال والتكليفات الوطنية ما لا يتم إلا بجهد جماعي, وذلك لان الحياة مجملا لا تقوم إلا عبر التعاون بين الجميع, فلا يمكن أن يحقق الإنسان أكبر قدر من الفاعلية والبناء إلا بإتقانه فن الجماعية والتعاون الخلاق مع الآخرين ، وما أحوجنا في الوقت الراهن إلى العمل بروح الجماعة والتعاون البناء جيشا وحكومة وشعباَ في نفس الميدان الذي بدأت منه ثورتنا حتى نحافظ على الثورة من السرقة والضياع ، وان ذلك يحتاج إلى ضرورة التمسك بقاعة الحرية التي لا زالت تحوي النخب والوطنيين اللذين تعلمنا بروحهم الثورة على الفساد دون إتلاف وافتتان ، ولهذا أتساءل لماذا ترك الثوار الميدان ؟ ..محمد جلال عبدالرحمن http://gate.ahram.org.eg/User/Topics/3710/%D9%84%D9%85%D8%A7%D8%B0%D8%A7-%D8%AA%D8%B1%D9%83-%D8%A7%D9%84%D8%AB%D9%88%D8%A7%D8%B1-%D9%82%D8%A7%D8%B9%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AB%D9%88%D8%B1%D8%A9-%D8%9F.aspx




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق