الأحد، 2 أكتوبر 2011

الخواف والشواف والعراف ...


بقلم / محمد جلال عبدالرحمن
تجدونه في جريدة الشروق 
من خلال هذا الرابط 

إن رسالتي التي أود أن تصل إلى كل دكتاتور قديماً كان أو حديثا أو سوف يوجد مستقبلاً هي ثمة نص من جملة قد رباني عليها والدي رحمة الله عليه.


كان يطلب مني دوماً أن أكون "شوافاً وعرافاً وخوافا" وتلك الجملة تلقيت نصها في بعضاً من دروسه التي كان يلقنها لي عندما كان يفضل السير على الأقدام بديلاً عن المواصلات إما في طريق سيره لعمله أو عند زياراته لأحد صلات رحمه أملا في أن يطيل وقت حديثه معي وتلقيني بعضا من خبراته في الحياه بشيء قد يفيدني في المستقبل.
في تفسير والدي للجملة السابقة: الخواف هو أن تكون حريصاً من نفسك على نفسك ولا تنفذ قاعدة تظلم الآخرون حتى وان كنت تملك الاخرين، وذلك حتى تضمن لأقل شيء في الحياة وهو أن تحرص على الآخرين من اجل أن يحرصوا عليك، والشواف: هو الرجل الذي يملك القدرة على فرز وتحليل الآخرين من أول وهلة، والعراف: هو الذي يحاول الوصول إلى الدراية بعلم الحياة دوماً.

وبالربط بين الخوف والشوف والمعرفة يكون الشخص متزناً في الوصف ومن أهل البصيرة في الحال، وبذلك يستطيع أن يحفظ لنفسه هيبته ووقاره بين الناس بل وسلطته أن كان له سلطه، لأن رجل السلطة الخواف والشواف والعـراف لا يصدم الآخرين مطلقاً ولا هم يصدموه أيضاَ.

ذلك المبدأ الذي أخبره الزمن لوالدي بعد طول تجارب لـو عمل به ظابط الشرطة في ثورة 25 يناير بمنظورها الذي كان يكشف عن وضوح لموقف مبناه مظلمة الشباب المصري الطاهر في وجه نظام فاسد بائس فكراً وعلماً وعملاً ووطنية لكان أحجم عن قتل الثائرين في ظلمات الفساد.

إن معنى هذا المبدأ يعني لصاحبه أنه قد أوتي عمقاً ودقة كبيرة في سلوكياته تجاه الآخرين فمثلاً: إذا طبقها الحاكم تجاه المحكومين يكون قد ضمن لنفسه حكماً بغير تمرد عليه أو دكتاتورية منه، ويكون قد سلك في شأن الحكم مسلكاً معتدلاً لا هو دكتاتورياً قد يعصره مواطنوه إن تمكنوا منه ولا هو ديمقراطياً في انتقاص من سلطاته.

وبرأي إن دهاء السياسيين مبناه هذا المبدأ، وعلى الرغم إنني اختلف مع السادات في بعض الأشياء قد تكون منها اتفاقية كامب ديفيد، فإنني أظن أنه كان خوافاً وشوافاً وعرافا ًعقب انتصار مصر في حرب 73، وذلك لأن السادات على الرغم من كونه منتصراً وفي حالة عزة وشموخ لم ينسه ذلك أن يخاف من جديد المفاجآت، فأحال النصر لسلام خوفاً من أن يحيله الآخرون لهزيمة اعتماداً على استنفاذ القوة المصرية.

لو استطاع كل من يملك السلطة أو الإدارة على شيء من شئون الحياة أن يضبط تسيير أعماله في مسئوليةً من هذا المبدأ (خوافاً وشوافاً وعرافاً) لتدارك الافتآت على حريات الآخرين بقرارته التي لا تلاق قبولا في نفوسهم أو لا تتناسب مع أحوالهم مما قد يكون إنذارا لنهايته في مجتمع جديد نتبنى هذا المطلب فيه بعد الثورة.

نعم ذلك المطلب الذي يقول بأن من لم يستطع أن يلبي آمال وطموحات المواطنين فليرحل غير مأسوف عليه، وإن واقعنا الجديد يحتاج للخوافين والشوافين والعرافين.

ومن أجل ما سبق أناشد المجلس العسكري أن يكون خوافاً وشوافاً وعرافاً في قرارته وتوجهاته ووعوده وعلى الأخص وعده بتسليم السلطة للمدنيين وهذا حتى لا يصطدم معنا أو ويقع ما لا يحمد عقباه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق