الأربعاء، 26 أكتوبر 2011

الطليعة الجرئية حالياً في مصر وبعض ما لها وما عليها



إن من كلفني بكتابة هذه الكلمات هو ضميري الذي يأبى الصمت والذي رأى في عهد المخلوع مبارك الكثير من ألوان الفساد على اختلاف صوره وتعدد أحواله.

وان عهد مبارك على أي حال هو فترة تاريخية في عمر الدولة المصرية العظيمة وليس العمر كله بالنسبة لها، ومن يسقط من ذاكرتهم مساويء هذا العصر لهم الحق في ذلك إلا أنني لن اسقط هذا العصر من عمر الدولة المصرية.

ليس من الضمير أن نغفل أو نتناسى قسوة هذا العصر ونسقطه من الذاكرة وكيف يكون ذلك لعصر افترض وتحقق في وجوده خنق أنفاس مصر حتى أنها كانت في عهده جائعة في الداخل وقزم في الخارج؟.

وفي أسف شديد يتعمد البعض غض الطرف وإغفال الفساد الذي كان في عهد مبارك ورجاله من أعضاء الحزب الوطني المنحل، والغريب أن أكثر من يظهر لنا ذلك على ارض الواقع هم المسئولون حاليا عن مصر فيما بعد ثورة 25 يناير المجيدة بصورة تظهره عفوا عن الأخطاء والسقطات.

كنت انتمى أن يكون هناك عزلاً صريحاً ومباشراً لكل الكوادر السياسية التي كانت تمثل نهج السياسة الساقطة التي أفسدت في مصر على نحو خالف الانتماء للوطن ومواطنيه.

وبرأيي إن عزل هولاء يعد اقل جزاءاً لهم على ما طال الوطن وألم به جراء سياستهم الفاسدة التي بنيت على المصلحة الخاصة والنفع الشخصي، كما أن مصطلح فلول لا ينطبق فقط على أعضاء الحزب المنحل أو من كان له سلطة وصلاحية في عهد مبارك.

بل يعد من الفلول كل القوى الدينية أو السياسية التي كان في يدها أن تتخذ موقفاً محسوباً ولها تأثير ولم تقوم به أو لم تتخذ ما هو مناسباً في شأن الإصلاح الوطني بمقاومة هولاء الطغاة لأن من يصمت في الأمس للفساد سيصبح غدا ممارساً له بل معلم.

وفي شان هولاء اللذين احتلوا طليعة الوطن حالياً بما فيهم الجماعات الدينية التي كانت صامتة إلى حد الخرص بل أن هناك من كان يندس منها على الأحرار من أبناء الوطن ويستخدم للتنكيل بهم، وفي شأن تغول هولاء على الساحة السياسية على حساب الشباب الحقيقي الذي قام بالثورة، فيجب على السلطة استعمال القوة ونفوذها بإشكالها المتعددة في مواجتهم بفرض العزل ومنعهم عن مزاولة أي نشاط سياسي أو القيام بأية فعاليات ذات طبيعة سياسية، بغض النظر عن مدى توفر الشروط القانونية أو الدستورية.

ومن جانبي أؤيد تطبيق العزل السياسي على فلول النظام السابق والصامتين عليه هولاء اللذين لا أمل في استتابتهم عن فسادهم، فمن تعايش مع الفساد لتلك الفترة الطويلة لا يمكن أن تتغير طبيعته، فهولاء اللذين أصبحوا طليعة بسبب أسلوب السياسة الحاكمة حاليا والغريبة التي لا تنم إلا عن إخفاق سياسي لن يتغيروا إذا سلمنا أساسا بقايليتهم في التغيير ببساطة وفي وقت قريب نحتاج أن نستجمع فيه هذا الوطن الذي تشتت أوصاله وذلك لان هولاء كالذباب يأكلون من كل الموائد ولا مبدأ لهم.

واعتراف بأنه إجراء قد يعادي الديمقراطية من منظورها النظري، إلا انه يعد جزاءا واجراءاً بسيطا في الواقع العملي إذا ما قورن بحجم الخسائر التي لحقت الوطن ومواطنيه جراء هولاء، لكن ارغب في تطبيقه بشكل عادل يبعد عن سياسة الإرهاب والبطش وملاحقة المعارضين والتشبث بالرأي.

إن تطبيق العزل السياسي بشكل غير عادل يأخذ صورة الإرهاب يمثل حجر الأساس في بروز أزمات سياسية متلاحقة بين النظام السياسي الحاكم أو الذي سيحكم مستقبلا وبين معارضيه مما يهدد بسقوط الوطن والمثال للتطبيق غير العادل في أسلوب العزل ما حدث في العراق وما آل إليه من انهيار الحكم الشمولي بعد انفجار الصراع الذي أدى إلى كارثة حلت بالبلاد المتمثلة بالدمار والخراب لكافة مرافق الحياة.. انتهى


محمد جلال  عبدالرحمنمنشور بجريدة الشروق http://www.shorouknews.com/menbar/view.aspx?cdate=20102011&id=d5768dc5-398e-4874-89cb-ad141b57416d


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق